عندما عيرتني زوجتي!


سمعت كثيرا من أصدقائي -قبل زواجي- روايات وأحاديث عن أهمية ‘‘الكرش‘‘ والصلع عند المرأة الفرنسية، أكدوا لي أن الفرنسية تعشق وتهيم حبا بهذين الصنفين دونا عن الرجل الأنحف أو ذو الشعر الكثيف على رأسه، حقيقة لم تعيرني هذه الكلمات انتباها، لأني وقتها كنت نحيفا وحتى هذه اللحظة بعد زواجي ربما من وجهة نظري، كما أني لست أصلعا ربما أكون ذو شعر خفيف.

كانت فكرة ‘‘الكرش‘‘ في حد ذاتها تضايقني، لدرجة رفضي التقدم لخطبة فتاة لأنها كانت من وجهة نظري سمينة شيئا ما، وكنت أرى أن تفكير الفرنسيات بهذه الطريقة هو شذوذ، يمكن تسميته شذوذ في الفكر أو الحب أو الهيام في النظرة للجنس الآخر.
مرت الأيام والسنوات وتزوجت، وعشت سنوات مع زوجتي لا أفكر في هذا الأمر فهو أصلا لا يشغل بالي، فعندي يقين جازم أنني لن أكون أبدا ذو كرش ولن تمتد بطني أمامي كغيري من المتزوجين.

نعم هذه الفكرة لم تراودني لأنه ببساطة، التجارب التي خضتها لم تخني، فأنا أحب النشويات وآكل جميع أنواع المكرونات، وأعشق المحشيات وأحب الحلويات وهذه الأطعمة طوال حياتي لم تغير في منظومة جسمي شيئا فلم اشتكي يوما من زيادة وزن أو من أي خلل في السكريات، كما أنه لم تنطبق علي مقولة ‘‘لما تتجوز هتتخن‘‘ التي يرددها كثيرا أصحاب العريس لصديقهم قبل زواجه، نعم هي حدثت مع البعض لكنها ليست قاعدة.

لكن فجأة وبدون مقدمات وجدت زوجتي توجه لي طعنة ليست في ظهري بل في وجهي وتقول لي ‘‘يا أبو كرش‘‘ أحسست بأنني أدور حول نفسي تتلاطمني اللكمات من حيث لا أدري.

بالفعل نزلت هذه الجملة على رأسي كالصاعقة، وأخذت أبحث عن ذاتي وعن نفسي وأتساءل هل توجه لي أنا هذا الحديث، وهل توجهه على سبيل الجد أم الهزل؟ فأنا كما أنا بحسب ظني، فهل أخطأ ظني؟.

‘‘أبو كرش‘‘ كانت بالنسبة لي كابوسا يشبه ما يصيب النائم في نومه من أحلام مفزعة، إذ كيف لهذا الكائن القاطن خلف الملابس أن تأتيه الجرأة ليفعل هذا بي وكيف أخذ حيزا من الفراغ وبدأ ينمو رويدا رويدا في غفلة مني!.

وكيف لزوجتي في هذه اللحظة أن تتهمني بهذا الاتهام الفظيع الذي لم يصدر منها إلا عن يقين قطعا فأنا أعرفها لا تواجهني بحقيقة شيء ما إلا بعد التمهيد له، وهذا اليقين لم يتأتى لها إلا عن دراسة وتفحيص وتمحيص وفرض رقابة صارمة عليّ طوال هذه السنوات، والتي قامت على إثرها بعمل دراسات إحصائية على مدى ارتفاع الكرش وقياس نسبة تمدده.

رغم أن كرشي ليس بدعا من الأمر، فكل الرجال أصابهم ما أصابني، ربما قبل أن يصيبني، ولم يسبب لهم ما سبب لي من هواجس نفسية، لكن من وقتها وأنا أقف أمام المرآة لأنظر ماذا حدث لي وكيف حدث؟ أقف أمامها تارة وجها لوجه وتارة أقف معطيا لها جنبي لأرى إلى أي حد وصل بي الأمر.

معايرة زوجتي لكرشي، رغم أنها ضايقتني لكني تظاهرت بأنني غير عابئ، وربما حاولت إيهامها بأنها متضايقة لأني أكثر رشاقة منها بحكم لعبي للرياضة وكرة القدم، فكنت أحاول مرارا وتكرارا أن أغير الدفة وأعايرها أنا بنفس معايرتها لي ‘‘يا أم كرش‘‘.

أو أحاول إقناعها بأنني لست صاحب كرش وأن وزني لم يزد ولكنه كما هو، وليس كما تعتقد هي، لكنها كمثل النساء المصريات تظل هكذا تحوم وتدور وتحاول أن تقنعك بشيء غير ذي بال على طول الدوام، وكأنها كسبت جولة في حلبة مصارعة، أو يمكن تسميتها دليل يمكنها أن تستخدمه ضدك إذا حاولت في يوم من الأيام أن تخبرها بأنك أرشق منها. 

في تلك اللحظات العصيبات تذكرت ما ذكره لي أصحابي قديما قبل الزواج عن الفضليات الفرنسيات صاحبات التفكير العقلاني الجميل الذين لا ينظرون إلى الدنيا وملذاتها بقدر نظرتنا نحن لها ووقتها تمنيت أن أكون فرنسيا.

تعليقات

  1. الف تحية للمبدع المصرى الاصيل سيد عيسى

    ردحذف
  2. تمنيت أن تكون فرنسيا ولا أن تتزوج فرنسيه 😈😈

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بخل «الأسايطة والدمايطة» صنعة أم عادة ؟

ماذا أصابك يا وطن!