بخل «الأسايطة والدمايطة» صنعة أم عادة ؟
أخبرتنا القصص والأمثال كثيرا عن البخل الذي ارتبط بمحافظة المنوفية، على الرغم أن هذا الأمر ربما يكون تهمة فكثير منهم أهل كرم وسخاء، لكن هناك أيضا محافظات أخرى وصمت بهذه الوصمة واشتهر عنها هذه العادة السيئة وأشهر هذه المحافظات دمياط وأسيوط.
وبالغ البعض في وصف الأسايطة بالبخل قائلين «أنهم يهود مصر» وأيضا بالغوا في ذلك مع دمياط فبعضهم استشهد على ذلك بالقرآن حيث قالوا أن قصة الخضر عليه السلام مع موسى نبي الله كانت في دمياط حينما طلبوا من أهل قرية أن يطعموهما فأبوا أن يطعموهما.
فقط نذكر هنا بمثل عن المنوفية، فقد زعموا أن أحد المنايفة سُئل ماذا تفعل حين يكون الجو بارداً؟ فأجاب: اقترب من الدفاية، فقيل له: في حال زاد البرد؟ أجاب: اقترب أكثر من الدفاية، قيل له في حال وصل البرد لدرجة لا تحتمل ماذا تفعل؟ قال: في هذه الحالة مضطر أشغل الدفاية وأمري لله.
لكن بعض المتخصصين، أكد أن ارتباط هذه العادة بالمنوفية ناتج عن الظروف الاقتصادية، حيث يقول الدكتور جمال حماد، أستاذ علم الاجتماع في كلية آداب المنوفية، إن «الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي نشأ فيها المنوفي من فقر وضيق الرقعة الزراعية، دفعته إلى تعويض ذلك بالحرص، والبخل بحثاً عن ظروف أفضل».
بخل العادة
وكما ذكرنا فأبناء محافظة دمياط لم يكونوا أقل حظاً في النكات، فقد أشتهر عنها القول «تشرب شاي ولا مش كييف.. تتعشي ولا تبات خفيف» للدلالة على أنهم بخلاء لكن أهل دمياط أنفسهم وأنا أعرف كثيرا منهم كرماء للغاية، يقول أحدهم ويعمل محاميا «مصروف الدمياطي أعلي من أي حد تاني ..أنا لفيت محافظات كتير وأغلبهم بيتغدوا خضار ورز لكن الدمياطي لازم ياكل لحمة».
وأضاف، المواطن الدمياطى بيصرف فلوسه في المفيد، والأهم ثم الأقل أهمية، وفى النهاية يصرف ما تبقي له في الأمور الترفيهية، والدمياطي ممكن أن يقصر في مظهره الاجتماعي ويفضل أن يستثمر أمواله في مشروعات، بحسب قوله.
لكن مع ذلك تعددت الأقوال والنكات التي تتهمهم أيضاً بالبخل، فقد زعموا أن أحد الدمايطة كان على فراش الموت في غرفته وبدأ بالسؤال عن أولاده الثلاثة، قائلاً بالعامية المصرية، فين محمد؟” فأجاب ابنه باكياً أنا هنا يا أبي، وأضاف وفين محمود؟ فأجاب محمود باكياً أيضاً أنا هنا يا أبي، وسأل فين حسين؟ فأجاب الثالث مثل أخويه، وظنّ الأبناء أن أباهم سيوجه إليهم وصية، لكنه صرخ بهم: أنتم هنا وسايبين نور الصالة يا ولاد …».
يرى البعض أن أهل دمياط ليسوا بخلاء لكن جرت العادة عندهم أن يقضوا أكثر أوقاتهم في الخارج نظرا لانشغال أكثرهم بالتجارة والصناعة، لذلك لا يجدون الوقت لاستضافة الضيوف، لكن البعض نفى ذلك وأكد أنها عادة موروثة منذ القدم، فقد اعتبر أحد الباحثين في علم الحديث يدعى حسن الزهيري، أن البخل صفة متوارثة عند أبناء دمياط منذ قديم الأزل، معرباً عن قناعته بأن القرية التي أبت أن تطعم نبي الله موسى عليه السلام والعبد الصالح الخضر هي دمياط التي تقع عند ملتقى نهر النيل بالبحر المتوسط.
منايفة الصعيد
لم تكن أسيوط أفضل حالا من سابقاتها فأهلها أيضا لم يسلموا من السخرية والاتهام بالبخل، إلى درجة وصفهم بيهود مصر ومنايفة الصعيد، وأرجع البعض وصف الأسايطة بيهود مصر إلى قصة كوميدية جاء فيها أن تاجراً يهودياً قدم إلى مدينة أسيوط راكباً حماره، وأراد أن يختبر أحد أبناء القرية، فأعطاه نكلة (نصف قرش)، وطلب منه أن يشتري له شيئاً يأكله وشيئاً يشربه وآخر يتسلى به، وشيئاً لحماره، فذهب الأسيوطي وعاد ببطيخة وقال له كل منها واشرب من مائها وأعطِ قشرها للحمار ثم تسلَّ بما فيها من لب، فتعجب التاجر.
أجدع ناس
على النقيض تماما فهناك محافظات أشتهر عنها الكرم واشتهر عن اهلها صفات محمودة يمكن ان نتحدث عن ذلك لاحقا فقالوا اهل الإسكندرية أنهم أجدع ناسولذلك يرى كثير من أبناء محافظة الإسكندرية أن الأبيات التي قال فيها الشاعر صلاح جاهين: «اقروا الفاتحة لأبو العباس… يا اسكندرية يا أجدع ناس»، ليست مجرد كلمات سطّرها ليتغنى بها أحد المطربين، إنما هي تعبير عن خصال وطباع حقيقية يتمتع بها أهل الإسكندرية أهمها الشهامة.
عزموا القطر
كذلك وصفت محافظة الشرقية بالكرم، ويتفاخر أهل محافظة الشرقية دوماً بعبارة «احنا اللي عزمنا القطر» ويدللون على ذلك بقصة شهيرة عن قرية دعت ركاب قطار على الإفطار، عندما تعطل بهم القطار وقت آذان المغرب في قرية إكياد التابعة لمركز فاقوس، وكان منزل العمدة أمام المحطة، ما دفعه إلى توزيع الركاب على جميع منازل القرية لتناول طعام الإفطار.
تعليقات
إرسال تعليق